25 May
25May

تستحقﹸ حياتنا الدّنيويّة أنْ نجعلﹶ منها معنى، ولكن هل يجب علينا تحطيم باب الجنّة منْ وراءها؟ يحثنا الله –سبحانه وتعالى- على الاجتهاد والعمل، ولكنْ هل يجب أنْ يكون هدفنا الوحيد في الحياة هو النّجاح وتحقيق الأعمال الدّنيويّة أمْ يجب علينا الالتفات قليلاﹰ نحو الأعمال الصّالحة التي تعيننا في الحياة الدّنيا والآخرة في يومٍ لا ينفعﹸ فيه مالٌ لا بنون؟!

 فكان ابن عمر - رضي الله عنهما - يقول: "إذا أمسيتﹶ فلا تنتظر الصّباح، وإذا أصبحتﹶ فلا تنتظر المساء، وخذ منْ صحتكﹶ لمرضك، ومنْ حياتكﹶ لموتك".

استيقظْ يا ابن آدم... قبل فواتِ الأوان

على كل إنسان أنْ يفكر في آخرته وظلمة قبره ووحشته المجهولة بدلاﹰ من الانغماس في متاع الحياة الزّائل... حيث يعمل العديد من الناس بلا كللٍ لتحقيق النّجاحاتِ وتخطي الحدود، ولا يهتمون بجمع الحسنات التي ستدوِن لهم أجراً وتخبىء لهم نوراﹰ لتأنِسهم في قبورهم ووحشتها. ومن المؤكد هؤلاء لن يلحقوا باكراﹰ ضمائرهم ولا أنفسهم في إيقاظها للصّحوة من سباتها العميق; للتّوبة والاستغفار قبل أنْ يخطفهم قطار الموت إلى يوم لا عودة  فيه على الإطلاق.

لوحةﹲ منَ الرّخامِ في كنزٍ خفيّ ؟!

فلا تَنسى أنّ القبرَ كلوحةٍ منَ الرّخامِ الأسودِ يحتضنها كنزﹲ خفيّ مغمورﹲ في أعماقِ الأرضِ. تعطي تلك اللوحةِ شعوراً بالوحدةِ والسّكون والهدوء، ففيه لا يحتاج أحدﹲ إلى اﻷنين أو الإزعاج، بل يأخذ اللّحظات الهادئة  إنْ كانﹶ يستحقها, وبين الجدران المحيطة بالكنزِ يمكن رؤية أنّ الحياة بها قد تحولت الى مجرد زوايا من الذّكريات، التي تم صقلها وتحويلها إلى نفحاتٍ منﹶ العطورِ والقصص الرّائعة التي يرويها منْ تركناهم خلفنا...

 وتكسوه الزّهور البيضاء والأرض المخضرة، والأسلاك النّحاسية المتشابكة التي تحيط به من كافة الجهات... من حوله يبدو جو الوفاة والتّذكر، ويصدح الصّمت في المسافة الواسعة ويملأ القلوب بمشاعر المواساة. بينما يبقى القبر هناك، مهيباً كما لو كان يخبرنا بحكايات لمْ تروى، وأسرار لم تكشف. ولا شكّ أنّ هناك كنوزﹲ أخرى يحدث فيها نقيضﹸ ذلك... فكن حذراﹰ في حياتكﹶ قبل نفاذِ الوقت.  

أيّ إنارة أفضل إلى ما بعد الموتِ؟!

أعمالنا الصّالحة هي التي تضيء حياتنا في دنيا الظّلمات، وتعيننا على المرور بصعابِ وشرائرِ تلك الدّنيا وثبات أقدامنا في محكٍ صحيح وصحيفة عالية عند رب العالمين الذي يعلم كل ما خفي في قلوبنا.

 وفي الختام, تذكر عزيزي القارىء أنّ نجاح الّدنيا مؤقت ويمكن فقدانه في أيّ وقت، ولكنْ أعمالنا الصّالحة هي الأساس التي تتْرك لنا الأثر الجميل في هذه الحياة وفي مثوانا الأخير.

بقلم: م.آية نائل العويسات


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة